شهدت السنوات الأخيرة تركيزًا متزايدًا على قضايا العدالة الانتقالية وسيادة القانون في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع، وهو الأمر الذي أدى إلى ازدياد الحاجة إلى ضمان أساس مشترك في القواعد والمعايير الدولية؛ حيث إن فهم العدالة من الأمور الضرورية لتعزيز حقوق الإنسان، وتشجيع التنمية الاقتصادية، وتعزيز الإدارة الرشيدة الخاضعة للمساءلة، بالإضافة إلى فض المنازعات بالطرق السلمية.
وفي عام 2012م، ظهرت سيادة القانون على جدول الأعمال العالمي؛ ليس بوصفها إحدى قضايا حقوق الإنسان فحسب، وإنما أيضاً لكونها قضية تجارية وقضية تتعلق بالمفهوم العالمي للإدارة الرشيدة. وللمرة الأولى يعلن 193 من قادة الدول أثناء أولى جلسات النقاش للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012م أن سيادة القانون هي أمر مهم، وقد اعتمدوا إعلان سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي. وبالإضافة إلى ذلك، تجاوز برنامج الاجتماع السنوي لرابطة المحامين الدولية أوامر العمل النموذجية والساعات المفوترة، فتحدث المحامون التجاريون حول جرائم الحرب، والأخلاق، وحقوق الإنسان، والتعذيب، ومكافحة الفساد، والتعليم القانوني، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، والمنظمات العالمية.
وتمثل هذه الجهود المتسقة بدائل مبتكرة تهدف إلى حل المشاكل في ظل غياب الإدارة الرشيدة المتكاملة التي تتميّز بقوة سيادة القانون؛ فصياغة المعاهدات الدولية الملزمة، استنادًا إلى الدولة النموذج، والتي تتناول قضايا مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، واستخراج المعادن، ودعم الصحة العالمية، هي ببساطة غير كافية لإحداث تغيير حقيقي ودائم. وقد عمِل المجتمع الدولي بشكل جماعي على بيان المتطلبات الموضوعية والإجرائية لإقامة العدل لأكثر من نصف قرن.
وتهدف مناقشات “مجالس الأجندة العالمية” حول العدالة إلى تحديد المستجِدات في النظم القانونية الوطنية من أجل مساعدة الدول، في مراحلها الانتقالية، على حماية مواطنيها من خلال تأسيس نظام قضائي قوي.
وقد تم اختيار الدكتور عارف علي النايض، رئيس مجلس إدارة مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة، إلى جانب 19 شخصًا آخرين من الخبراء والقادة العالميين للانضمام إلى مناقشات “مجالس الأجندة العالمية” حول العدالة.