تونس 14-01-2016
انطلقت يوم الخميس الموافق للرابع عشر من يناير 2016 بالعاصمة التونسية أعمال مؤتمر المرأة الليبية للسلام بعنوان «ليبيات بين التصور والواقع». وقد قام مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة بتنظيم هذا الحدث الرائد بالتعاون مع كل من جمعية « تواصل» ومنظمة «صوت الحق للنساء الليبيات». هذا وقد شاركت في فعاليات المؤتمر أكثر من ثمانين شخصية مجتمعية حضرت من كافة ربوع ليبيا.
وقد صرح السيد محمد احتيوش مدير مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة بأن ثمة دورا عظيما يُنْتَظَر من المرأة الليبية القيام به لإحلال السلام في ليبيا وتضميد جراح الحرب الأهلية. وفي الإطار نفسه قال السيد احتيوش: «هذه هي الفعالية الأبرز منذ العام 2014 بالنسبة للمرأة الليبية التي تعيش داخل ليبيا، كما أنها الفعالية الأولى التي تركز على منظمات المجتمع المدني للنساء. ونأمل أن تكون باكورة لسلسلة من الملتقيات التي من شأنها ترسيخ أواصر التواصل بين منظمات المجتمع المدني وتأسيس دعائم علاقات وطيدة بين ناشطات المجتمع المدني في جميع أرجاء ليبيا».
وقد افتتح المؤتمر بعرضٍ مرئي عن النساء اللاتي أحدثن تأثيراً حقيقيًّا في تاريخ ليبيا مثل الملكة مورينا والكاتبات والناشطات والمناضلات الليبيات اللائي تركن بصمة واضحة في تاريخ البلاد. وأعقب ذلك محاضرة ألقاها السيد محمد غنام المستشار الدستوري للأمم المتحدة، حيث قدم شرحاً مفصلاً لأسس المرحلة الانتقالية والدستور، وسلط الضوء على العقبات الحالية والرئيسية التي تواجه البرلمان، مؤكداً على ضرورة احترام المدد القانونية المنصوص عليها لتقديم المسودة النهائية لمشروع الدستور.
وتمحورت بعض الأسئلة الرئيسية من المشاركين حول أسوأ السيناريوهات المحتملة حيث تكون هناك أهمية قصوى لدور الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني.
وعبّرت معظم المشاركات في الملتقى عن مخاوفهن إزاء الوضع الأمني الذي تشهده ليبيا في الوقت الراهن.
وترأست الجلسة الثانية السيدة رجاء العباسي، مسؤولة قطاع الإعلام والاتصال بمنظمة اليونسكو في ليبيا، حيث ناقشت دور الإعلام في تغيير صورة المرأة الليبية كمواطنة من الدرجة الثانية، وخصوصاً الصورة النمطية للمرأة كأم، وأخت، وزوجة أو مطلقة، وليس كفرد. وذكرت السيدة رجاء العباسي أن المرأة تستطيع من خلال وسائل الإعلام فرض حضورها، وإسماع صوتها، والأهم من ذلك إحداث التغيير من خلال الضغط والتوعية العامة.
ودارت الجلسة الثالثة من اليوم الأول للمؤتمر حول «المرأة والسلام والأمن» حيث ألقت السيدة أمينة الرشيدي ممثلة الأمم المتحدة المعنية بمعاهدة «القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» محاضرة اشتملت على عرضٍ تقديمي عن أهمية مشاركة المرأة في تسوية النزاعات، واتخاذ القرارات، حيث علّق جانب من الحضور أن المشاركة غير ممكنة ما لم يكن هناك تغيير شامل في النظرة النمطية للمرأة، والأهم من ذلك نظامنا التعليمي ومناهجنا الدراسية، لرفع الغبن عنها، وإعلاء مكانتها، وعدم السماح بالحط من شأنها وتهميشها بأي شكلٍ من الأشكال.
وتحدثت السيدة ماجدة السنوسي مديرة قسم تمكين المرأة ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن وضع المرأة الليبية في مواجهة التدهور الأمني، وتراجع حقوق المرأة بشكلٍ عام. ودعت إلى تقديم مساعدة دولية لتأمين ليبيا ضد التطرف والإرهاب، ومساعدة النساء الليبيات على أن يصبحن مشاركات نشيطات في تحقيق السلم الاجتماعي.
وخلال الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر، تحدثت ناشطة المجتمع المدني السيدة هالة المصراتي في مداخلة لها قارنت فيها التجربة الرواندية مع الوضع الراهن في ليبيا. وركزت على معاناة المرأة الرواندية من الفظائع الكارثية خلال مئة يوم من جرائم الإبادة الجماعية التي عصفت براوندا عام 1994، وشرحت كيف خرجت راوندا من تلك المأساة الإنسانية، وكيف نجحت تلك البلاد بحلول عام 2014 ليس فقط في تأمين مجتمعها وحدودها، بل وفي تحقيق أعلى نسبة لمشاركة المرأة في البرلمان بنسبة 60٪. إنّ فحوى رسالة السيدة هالة المصراتي يكمن في أن لدى المرأة الليبية من الإمكانات والطموح والرغبة ما يمكنها من إحداث التحول والتغيير.
وقد علق السيد محمد احتيوش على فعاليات اليوم الأول للمؤتمر قائلاً: «جلسات اليوم كانت تفاعلية، ومحفزة للتفكير، وملهمة. إننا نتطلع قدماً إلى اليومين المقبلين».