نظّم مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة حلقة نقاش بعنوان: أدب الطفل في ليبيا، على منصّة zoom، بتاريخ 2 أبريل 2021، بمناسبة اليوم الدولي لكتاب الطفل، بمشاركة مجموعة من السيّدات والسّادة المهتمّين بالكتاب الموجّه للطفل، بإدارة الأستاذ سامي الجوادي.
ومحاولة استعراض مجموعة من الموضوعات المهمّة والتساؤلات والإشكالات حول: حول الأعمال الموجّهة للطفل من القصص والقواميس والكتب والرسومات وتقييمها.
وواجبات المكتبات المدرسية، والمكتبات العامة، ودور النشر المحليّة، والمناهج الدراسية العامة والخاصة.
والتحديات المتعلقة بالتكنولوجيا المعاصرة، وطرق الاستفادة منها في الارتقاء بأدب الطفل وتقديمه بطرق عصرية ومحبّبة.
وطرق الارتقاء بلغة الطفل وإنتاجه الكتابي والخطابي الإبداعي، والأدوار المنوطة بالمؤسسات الحكومية والخاصة في ذلك.
وتقديم مقترحات تنافسيّة تسابقية تُعنى بالمطالعة والقراءة، والتدريب على كتابة القصة، مع الاعتناء بذوي الإعاقة عناية لائقة.
مع ضرورة التوعية للطفل في القضايا المعاصرة والمستجدات، وقضايا الوطن والانتماء والهوية والأدب، ونبذ العنف، وتنبيهه وتدريبه لحمايته من أي أذى أو تحرّش قد يتعرض له.
شاركت د. أسماء الأسطى، وهي الأستاذة المتخصصة والأديبة والكاتبة، ووزير الدولة المفوض لشؤون المرأة والتنمية المجتمعية سابقا،
د.أسماء الأسطى
من كتبها: النتاج الفكري للأطفال في ليبيا من 1921 إلى 2007، وتحدّثت عن: أهمية بناء الأجيال من خلال الكتاب ومن خلال الثقافة.
وعرّجت عن دوافع تأليف كتابها الببليوغرافي: النتاج الفكري للأطفال في ليبيا من 1921 إلى 2007، الذي ضمّ في طياتها 909 عنوانا.
بداية من كتاب والدها وفيه أشعار موجّهة للأطفال للأستاذ جمال الدين الميلادي [ ولد عام 1881م، وتوفي عام1963م]، ومن خلال اهتمامها بأطفالها واقتناء الكتب والقصص المناسبة لهم.
الأستاذ جمال الدين الميلادي رحمه الله
وأشارت إلى المؤلف محمد عبد الله الزكرة [توفي 1998م] وكتبه الموجهة للطفل.
وتعرّضت لأكثر الأدباء والكتّاب نتاجا الأستاذ يوسف محمد الأمين الشريف حفظه الله تعالى [ولد عام 1938م]، عدد عناوينه أكثر من نصف العناوين التي قدّمت للطفل في ليبيا، وهو قد تنوّع في اتجاهاته بين القصة المترجمة والأدب والمسرح والدراسات والمعاجم والموسوعات والسلاسل، وقصص أطفال أبطالها ليبيون بأسماء ليبية.
الأستاذ الأديب يوسف الشريف حفظه الله
واقترحت د. أسماء الأسطى أن يُطلق اسم الأستاذ يوسف على مؤسسة أو مدرسة أو شارعا، مكافأة له على جهوده المميزة، وأن يشهد معنا هذا الاحتفاء.
وحاولت أن تثير سؤالا مهما: ما الذي لدينا بخصوص أدب الطفل وأين تركز الإنتاج ؟
أغلب النتاج هو القصة، وهناك نقص مريع في الكتاب الديني، وهناك نقص في تراجم أعلام ليبيا، وما نشر كان بأقلام غير ليبية.
أشارت إلى أنّ كتابه الببليوغرافي يضمّ الكتاب الليبيين وغير ليبيين، لأنها اشترطت أن تجمع كلّ ما هو موجّه للطفل الليبي ونُشر في دور نشره.
ونوّه بالدور المهمّ للكتاب المدرسي، لأنّ المناهج التعليمية في الخمسينيات فيها أعمال أدبيّة تقدّم للتلاميذ كبرامج موازية بشكل إبداعي.
وذكّرت بضرورة التفرقة بين أدب وثقافة الطفل، وأن الثقافة هي الأعم وهي الأهم.
وبيّنت أن أهم مؤسّسات للنشر هما: الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، والدار العربية للكتاب مؤسسة نشر مشترك بين ليبيا وتونس، بداياتهما معا 1975، وهي متأخرة بالمقارنة بالدور الموجودة في الدول المجاورة.
واستثارت بعض المشكلات الموجودة في الأدب الموجّه للطفل الليبي منها: غياب النساء عن الكتابة للأطفال، وأن الترجمات تنحصر في بعض الكتب، وأن غالب المطبوعات نفذت من السوق منذ عقود، وضرورة إعادة طباعتها ولو الكترونيا، وغياب النشر الالكتروني، وغلاء الكتاب الورقي، والتأخر وعدم المواكبة في الرسوم الإبداعية المقدمة للطفل، والتأخر في صناعة موقع الكتروني للطفل، وغياب النشاط المدرسي من الخطط التعليمية، وغياب دور المكتبة العامة، والنقص في دور المكتبة المدرسية الخالية من التزويد المستمر، المجلات أيضا لها دور مهم ولكنها قصيرة العمر، وتكلفتهت عالية، والكاتب لا يلتزم، الحقوق المالية لا تحفّز.
ونبّهت إلى ضرورة صياغة شخصية ليبية للأطفال نوصل من خلالها رسائل تربوية وتوعوية للطفل، وضرورة إتاحة الأدوات والاطلاع للطفل قبل المسابقات، لأنه كيف يمكننا أن نتوقع الكتابة الإبداعية من طفل لم يقرأ وليست لديه مكتبة؟!
وأن فئة الأطفال ذوي الإعاقة لم تصدر لهم طوال هذه السنوات مطبوعات خاصة لهم، مع أن المنظمات الدولية تمنح فرص الوصول للكتاب المسموع لهذه الفئات.
وأن النشر للطفل خلال العشر السنوات الماضية لم يزدد إلا قليلا من الكتب الصغير ودواوين الشعر والقصص
وضرورة الاهتمام بالنشر الالكتروني، وضرورة استخدام أدوات العصر من متعلقات التكنولوجيا والكتاب الالكتروني.
والنظر في النتاج أوجه النقص، والتركيز على قصص الشخصيات ذات القيمة الإبداعية الوطنية، لأن الجيل الجديد يفتقد إلى القدوة.
نبّهت على الخلل التشريعي في القانون الليبي حيث اعتبر الطفل من الميلاد إلى سنة 16، واعتبرت سن 18 السن القانونية، وهنا ضاع أطفال السنتين 16 و17، وضاعت بينها حقوقه! ولابد من التعديل القانوني.
ونبّهت إلى وجود كتب مضللة ومنحرفة فكريا موجودة حاليا في السوق الليبي والمكتبات دون رقابة، وضرورة وجود فريق من المتخصصين والثقات ليجيزوا الكتاب والتدقيق فيها من كل النواحي.
وأوصت بضرورة وجود قنوات ومواقع ذات رسالة هادفة ومشروع تتبنّاه الجهات الرسمية، وضرورة وجود خطة وطنيّة إبداعية موجّهة للطفل.
وعرّجت على أن الترجمة ليست دوما في صالحنا، كثير من القصص لا تليق بنا ولا تتفق مع مفاهيمنا، لأنها ذات خلفية دينية وثقافة مجتمعية مختلفة.
ويبنغي أن يكون لدينا هوية خاصة بنا من خلال صناعة شخصية كرتونية ليبية ولد أو بنت، تقوم بأدوار توعوية وإبداعية، وضرورة حضور الطفل الأسمر وذوي الإعاقة والمشكلات الأسرية وطرق التعامل معها وحلها في قصص الطفل، والتعريف بالمكونات الثقافية وتوظيفها في قصص كرتونية إبداعية.
وضرورة جعل يوم السبت بقرار من التعليم يوما للنشاط العام والمكتبة، لتكون المدرسة نشيطة ومحببة للطفل وترفيهية وممتعة لا سيما في العطلات، وليست مؤسسة بائسة ومعتقلا كريها.
لكي ننهض بأطفال اليوم رجال ونساء الغد لابد من إعادة النظر والتفكير والعمل والتخطيط المستمر.
وختمت بعرض هدية إبداعية متميزة بقولها: أريدُ أن أهدي كلّ ما جمعته من كتب ليبية حول الطفل وأدبه وهي 450 عنوان، لجعله أداة متاحة لكل الباحثين، وفيها مطبوعات نادرة، خاصة وأننا لا نحتفظ بنسخ، وتأمل أن تجد مؤسسة تتبنى ذلك، ليفتتح بهذه الكتب متحفا دائما لكتاب الطفل الليبي.
وتحدّثت أ.نادية يوسف العزابي مفتشة في وزارة التعليم، ماجستير في المكتبات، مدربةوناشطة في المكتبات، رئيس المكتبات المدرسية في إدارة التفتيش التربوي، وعضو الجمعية الليبية للمكتبات والمعلومات والإرشيف.
أ.نادية العزابي
تحدّثت عن تأثير الكتاب المدرسي والمكتبات المدرسية على الأطفال، وقالت أنها في مؤسستها مع فرقها سعت خلال 16 سنة لإحياء دور المكتبة المدرسية لثقنا ومعرفتنا أن دور الكتاب مهم جدا في إثراء ثقافة الطفل وفي بناء الشخصية، ولكن للأسف الشديد كانت هناك العديد من العراقيل، لنا مواقف مع إدارة المناهج والنشاط المدرسي والوزاارت المتعاقبة منذ 2011.
تم إدراج حصة المكتبة المدرسية من خلال التعاون في الوزارة وتشكيل لجنة للتزويد على مستوى ليبيا واخترنا مجموعة من العناوين كبداية لتوزيعها على المكتبات، ولكن بعد جهد في اختيار العناوين أوقف هذا البرنامج ولم يتم شراء الكتب بحجة أن المبلغ كبير، وأوقفت المعارض، ومشكلات مختلفة، وتغير الوزارات له نتائج سيئة، وتمت اتفاقية بين وزارة الثقافة والتعليم لأجل تزويد 50 مكتبة، ولم يتم.
في إحدى الوزارات ألغيت حصة المكتبة، حجة إيقافها لعدم وجود متخصصين لتشغيل هذه المكتبات، وفككت المكتبات.
الحصة المكتبية غير مطلوبة لذاتها وإنما المطلوب جذب الأطفال إلى المكتبة وتعوديهم على ارتيادها والتعرف على الكتب.
وناشدت وزارة التعليم والثقافة ضرورة التعامل من أجل رقي المكتبات المدرسية لأنها من خلالها نبي شخصية الطفل وثقفاته لخلق جيل واعي ذو شخصية قوية وتزويدها بأوعية المعلومات
كما ناشدت إدارة التفتيش التربوي ووزارة التعليم التي ألغت وهمّشت مواد النشاط، وهي أحد أساليب التعليم الحديث.
ثم تداخلت الأستاذة آمال الصيد أبوعبود، عضو إدارة الجمعية الليبية للمكتبات والمعلومات والارشيف، رئيس لجنة نشاط إحياء اليوم العالمي لكتاب الطفل بالجمعية.
أ.آمال أبوعبود
عرّفت بالجمعية الليبية للمكتبات والمعلومات، التي تأسست عام 2012 في طرابلس، وأشارت إلى نشاطها في اليوم الدولي لكتاب الطفل وتنوع هذا النشاط ومشاركة الأطفال، وعمل المسابقات والقراءة في القصص، إضافة إلى تأسيس مكتبات مصغرة في مستشفى الأروام ودور الرعاية وغيرها، وعمل ورشات عمل متنوعة، ومسابقة للقصة الصغيرة بعنوان: قصتي الأولى.
وتأمل أن يتم دعم الجمعية لعمل مسابقات ونشاطات مختلفة مستقبلا.
وكانت مداخلة الأستاذة مفيدة المصري المدير التنفيذي لمنظمة انطلق للتنمية المستدامة لحقوق الطفل، والمهندسة بمصلحة المرافق التعليمية قسم المعامل.
الأستاذة مفيدة المصري
تحدّثت الأستاذة عن منظمة انطلق، وشعارها التعريف بحقوق الطفل، وتفعيل حقوق الطفل ومنها القراءة ومناشطها، والتوعية والتثقيف، وأنها تقوم على مشروع وطني لتفعيل المكتبة المدرسية والنشاط المدرسي.
وقد قامت بمشروع حملة (غَدِي يقرأ) في مكتبة خديجة الجهمي، بإنشاء ألعاب تحفيزية تدرّب الطفل على صياغة الجُمل.
كما قامت المنظّمة بوضع خطة لإنشاء مشروع مكتبة خاصة بالطفل من كلّ الجوانب، وتأمل أن يتم مراجعة المشروع وتطويره، والسعي لدعمه وإنشاءه.
وكانت مداخلة الأستاذ سامي الجوادي رئيس جمعية نور الحياة ، وصاحب التآليف حول الطفل وحقوقه.
الأستاذ سامي الجوادي
للتعريف بمشروعه التوعوي الإبداعي الذي قام به في جمعية نور الحياة، حيث إنه ألف مجموعة من الكتب والقصص وحوّلها إلى فيديوهات رسوم متحركة، وقام بعدة مشروعات بالتعاون مع وزارة التعليم وإدارة النشاط واليونسيف، والتدريب للنشطاء والأساتذة والأطفال وتوزيع الكتب التوعية عليهم.
من كتبه:
كتاب لا تلمسني جسمي ملكي أنا، وهو كتاب يتحدث عن حماية الأطفال من التحرش الجنسي، موجه للأطفال من الصف الثالث الابتدائي إلى الإعدادي.
وكتاب حدودي، موجه للأطفال من الصغار من السنة الرابعة، وفيه رسومات وتلوين، للحماية من التحرش أيضا.
وكتاب: حماية، وهو موجه للأهالي كرسائل توعوية لحماية الأطفال من الحروب والصراعات والإيذاء بجميع أنواعه، وكيفية التعامل مع المشكلات والخروقات.
وكتاب: طفل ولي حقوقي، وهو قصة قصيرة، تعلّم الطفل حقوقه التي ينبغي أن يتحصل عليها ويدافع عنها.
ختم الأستاذ سامي مداخلته بمناشدة للحكومة وكل المختصين: بأن الطفل الليبي متأخر أمام كل أطفال العالم في مجال القراءة وأدب الطفل، وعلى الدولة والمؤسسات المجتمعية التحرك بشكل كثيف ومضاعف لاستدراك ما فات والعمل بشكل جماعي وإبداعي في سبيل الارتقاء بأدب الطفل الليبي.
كما شاركت الأستاذة مريم محمد المنفي عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة بنغازي قسم التربية ورياض الأطفال.
وتحدثت عن أهمية القصة الورقية في ظل التطور التكنولوجي الهائل، وضرورة الاهتمام بالحوار الثقافي لأطفال الروضة، لأن البداية من الطفولة لغرس القيم من خلال القصة المصورة والحكايات والروايات.
وأن الطفل في المنزل انشغل بالتلفزون وبالآيباد وبالهاتف، وينبغي أن نعوض ذلك في رياض الأطفال وفي البيت بالقصة المباشرة.
وضرورة أن تكون رياض الأطفال مؤسسات ترفيهية إبداعية غير تعليمية تقليدية.
وختمت بقولها: أتمنى من كل من يعمل في أدب الطفل أن يضم مرحلة الأربع سنوات الأولى ويهتم بها، وضرورة توطين المكتبة في كل رياض الأطفال.