في إطار دعمهِ المستمر والمتواصل للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ولضمان مشاركة فعّالة من جانب مكونات الطيف الاجتماعي الليبي، أقام مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة بتونس ندوة حول مخرجات «لجنة العمل 2» حيث اجتمع في تونس، يومي 10 و11 مارس 2016، أكثر من 80 شخصية من قيادات الفكر الليبي وخبراء القانون والدستور، إضافة إلى الشخصيات المجتمعية لمناقشة المسودة النهائية للدستور الليبي بهدف إيجاد أرضية مشتركة بشأن مختلف المواد والفصول من أجل ضمان اعتماده النهائي من خلال استفتاء. وكان الهدف الرئيسي للمؤتمر يكمن في ضمان أوسع مشاركة على مستوى المجتمع الليبي بكافة مكوناته، وتحقيق التوافق بين الأطراف السياسية والاجتماعية المختلفة لتسريع إنجاز الدستور الذي تحتاج له البلاد بشدة للخروج من محنتها.
وقد ندب المَجْمَع لهذا العمل الوطني بعض أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بمن فيهم المقاطعون، كما ندب كذلك، من مختلف أرجاء ليبيا مدناً وواحات وقري، نخباً من القانونيين والمثقفين، والمفكرين، وشيوخ القبائل الليبية.
وانتظمت الندوة علي نحو تم فيه استعراض آلية عمل الهيئة التأسيسية وتوضيح بنود أساسية مثل «التدابير الانتقالية»، و«نظام الحكم»، و«الحكم المحلي»، و«الثروات»، و«السلطة القضائية»، وكذلك «الحقوق والحريات».
وقد تم خلال يومين من الفعاليات المطولة والمكثفة تقديم جملة استفسارات من قبل الحضور للسادة أعضاء الهيئة التأسيسية الموقرة الذين تفضلوا بإثراء هذه الندوة بمن فيهم المقاطعون لأعمال الهيئة التأسيسية؛ حيث تبين من خلال ذلك أن ما أنجزته الهيئة خلال المدة السابقة جهدٌ يجب تثمينه وعدم التفريط فيه بسبب الخلاف والاختلاف حول بعض المنجزات في الدستور المرتقب؛ كما تبين أن الخلاف أمرٌ يمكن تداركه بحيث تنهض الهيئة التأسيسية إلي استكمال جهدها وإنجاز الدستور الذي يتوق إليه الشعب الليبي الكريم، ليُسهم في تجاوز المحنة التي يمر بها الوطن الجريح. وانبثقت لجنة عن المشاركين في أعمال الندوة التي ينظمها ويرعاها مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، وقد نذرت اللجنة المُشَار إليها نفسها للعمل علي إيجاد توافق بين وجهات نظر أعضاء الهيئة بمن فيهم المقاطعون.
وقد دعت اللجنة أعضاء الهيئة التأسيسية المقاطعين لاستئناف عملهم، ووضع مصالح ليبيا العليا نصب أعينهم، وقد استجاب المقاطعون لنداء لجنة التوفيق؛ ونتيجة لذلك، عقدت اللجنة اجتماعاً مع كلٍ من الدكتور محمد التومي والدكتور ضو المنصوري. وتم استعراض نقاط الخلاف التي دعت المقاطعين إلى اتخاذ موقف المقاطعة؛ وبحوارٍ هادئ وبمناشدة وطنية استجابا لمشروع التوفيق الذي تم تحديد نقاطه معهما الأمر الذي أكد للجنة التوفيق قبول المقاطعين بإيجاد صيغ توافيقية اجتيازاً لمحنة الخلاف وإنقاداً للوطن وهو ما دفع اللجنة إلى لقاء الأعضاء المستمرين وهم:
1. جمال الغزال.
2. إبراهيم البابا.
3. سليمان المنصوري.
وفي إطار المبادرة نفسها، توجهت لجنة التوفيق إلى الأعضاء المستمرين بالهيئة التأسيسية فكانت الاستجابة كذلك متماثلة والرضا تاما بتوجه اللجنة؛ فتم إنجاز هذه المهمة، وتحددت نقاط الاختلاف التالي ذكرها لتقوم لجنة التوفيق بصياغة مشروع توفيقي يُرئِب هذا الصدع، ويُوحد الجهود، ويجمع القلوب:
1. العاصمة
2. توطين السلطات
3. انتخاب رئيس الدولة
4. غرفتا مجلس الشوري
5. الإدارة المحلية
6. المادة رقم (186) (توطين مشاريع بديلة)
7. المكونات
أولاً: العاصمة
اتفق أعضاء اللجنة على أن تكون مدينة طرابلس هي العاصمة للدولة الليبية.
ثانيا: توطين السلطات
اتفقت اللجنة علي توطين السلطات بصفة مؤقتة علي النحو المذكور علي أن يدرج هذا النص في التدابير الانتقالية بأن يكون هذا التوطين لدورةٍ انتخابيةٍ واحدة؛ ثم يتم الاتفاق عليها من مجلس الشوري.
ثالثا: انتخاب رئيس الدولة
يعدل النص الوارد بالمادة (202) ليكون كالآتي:
يتم انتخاب أول رئيس للجمهورية بعد الاستفتاء على الدستور وقبل انتخاب السلطة التشريعية وفق الآتي:
1. لغرض الانتخابات الرئاسية الأولى فقط تقسم البلاد إلي (13) دائرة انتخابية رئيسية على غرار دوائر انتخابات المؤتمر الوطني العام.
2. يعتبر رئيسا للبلاد المترشح الحاصل علي الأغلببة المطلقة من أصوات المقترعين،على أن لا تقل نسبة الأصوات المتحصل عليها عن نسبة 10% من 9 دوائر انتخابية.
3. إذا لم يتحصل أي من المترشحين علي الشروط المشار إليها في الفقرة السابقة يدخل المرشحان الأكثر تمثيلًا في الدوائر الانتخابية والحاصلان على الحد الأدنى من مجموع الأصوات للجولة الثانية؛ ويكون الفائز فيها المترشح المتحصل على الأغلبية المطلقة لأصوات المقترعين.
رابعاً: غرفتا مجلس الشورى
اتفق أعضاء اللجنة على إبقاء مجلس الشورى بغرفتين (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) وفق ما جاء في (مخرجات لجنة العمل 2) على أن تنقل بعض اختصاصات مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب وذلك على النحو الآتي:
– قوانين الاستفتاء
– قانون الطوارئ والأحكام العرفية
– قانون العفو العام
– القوانين المتعلقة بشعارات الدولة وعلمها ونشيدها وأوسمتها
– كما ينقل الاختصاص بإصدار قانون الموازنة العامة إلى مجلس النواب على أن يقر بأغلبية الثلثين
– وينقل اختصاص التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية إلى مجلس الشورى بغرفتيه
وتنقل الاختصاصات الواردة في المادة (92) وهي التعيينات للسفراء وممثلي الدولة لدى المنظمات الدولية وفق معايير النزاهة إلى رئاسة الوزراء.
خامساً: الإدارة المحلية
يُستبدَل مصطلح (الحكم المحلي) بمصطلح (الإدارة المحلية).
سادساً: المادة رقم (186) (توطين مشاريع بديلة)
يُعَدَّل نص المادة (186)
استبدال (ثم) (بالواو)، ليكون نص المادة كما يلي:
“تُحَدَّد بقانون نسبة من عوائد الثروات غير المتجددة لإنشاء مشاريع بديلة تُعطَى الأولوية فيها لمناطق الإنتاج حسب إمكانياتها المكانية ولوازم تطوير بناها التحتية( و) للمناطق الأقل نموًّا”.
سابعاً: المكونات
اجتمعت لجنة التوفيق مع أعضاء الهيئة التأسيسية من مكون الطوارق وهما :
1. السيد إبراهيم علاق
2. السيد علي حمداني
وبعد الحديث معهم من قبل اللجنة تبين أن مخرجات لجنة العمل قد تضمنت جل مطالبهم التي وردت بتقرير لجنة التواصل مع المكونات.
كما وافقت اللجنة على طلبهم باستبدال عنوان المادة (65) من (اللغات والثقافات الوطنية) إلى (تعددية اللغات والثقافات الوطنية)
برنامج الندوة
بدعم من اللجنة الاستشارية للندوة، وبمشاركة اللجنة المنظمة المحلية في ليبيا، تم وضع برنامج الفعاليات؛ وتضمن البرنامج ست جلسات عامة؛ كما قامت «قناة ليبيا» بتغطية أعمال الندوة من خلال سلسلة من البرامج التلفزيونية على الهواء مباشرة.
الخميس الموافق للعاشر من مارس 2016:
فعاليات اليوم الأول للندوة
– كلمات افتتاحية ترحيبية ألقاها مسؤولون من مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة (الجهة المنظمة للمؤتمر)
– استعراض أسس وإطار أحدث مسودة للدستور الليبي
– تفاعل المشاركون في الندوة من خلال طرح الأسئلة وتسجيل الملاحظات
– التدابير الانتقالية في مخرجات لجنة العمل 2
– نظام الحكم
– اختتام أعمال اليوم الأول وفتح باب النقاش
الجمعة الموافق للحادي عشر من مارس 2016:
برنامج اليوم الثاني للندوة
– كلمة افتتاحية يلقيها ممثل مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة (الجهة المنظمة للمؤتمر)
– “الحكم المحلي” و”الموارد”
-“السلطة القضائية”
-“الحقوق والحريات”
– توصيات شيوخ القبائل، والقانونيين، والمهنيين، والمختصين لأعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور
الجلسات
الجلسة العامة في اليوم الأول
لقد كانت الكلمة المهمة التي افتتحَ بها الدكتور علي حمودة جلسات اليوم الأول مؤثرة وفي الصميم حيث إن الندوة تنعقد وليبيا تمر بمنعطف تاريخي فاصل تعاني فيه البلاد من الانقسامات السياسية، وانعدام الأمن الاجتماعي والمدني بما يهدد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تضافر الجهود لتنقيح المسودة الأخيرة للتوصل إلى توافق نهائي حيث إن الانتهاء من الدستور هو ضرورة ماسة للبلاد.
رؤوس أقلام:
1. سيكون الدستور بمثابة حجر الزاوية للسلام الاجتماعي والسياسي في البلاد؛ ومن خلال الاعتماد النهائي للدستور يمكننا أن نتكلم عن حقوق ومسؤوليات المواطنين في دولة العدل والقانون.
2. بناء الجمهورية الليبية على أساس متين من القانون والعدالة هو الأمل الوحيد للأجيال القادمة.
3. لابد من وضع المصالحة على رأس أولويات الليبيين على المدى المنظور، وكذلك على المدى البعيد؛ ويجب أن يكون ذلك اتفاقاً كاملاً.
هذا وقد أدار جلسة النقاش حول «السلطة القضائية» كوكبة من صفوة القانونيين من الهيئة التأسيسية من بينهم الدكتور الهادي أبوحمرة الذي أصر على أن الهيئة التأسيسية لها صلاحيات قضائية وتشريعية باعتبارها الكيان الذي انتخب بصورة قانونية من قبل المواطنين من كافة مناطق البلاد، وهو ما يعكس الميول السياسية المختلفة. ويترتب على ذلك واجب وحيد لها في هذه المرحلة ألا وهو تقديم المسودة النهائية للدستور لتعكس على نحوٍ فعّال التنوع والتوافق والعملية الديمقراطية. لقد بُنيَت العملية برمتها على مبدأ الاتفاق
رؤوس أقلام:
1. الوضع في ليبيا لا يتحمل التنظير وتقديم الحلول النظرية للمعضلات والتحديات التي تواجهها ليبيا.
2. هدفنا الأول هو التوصل إلى أكبر توافق ممكن من أجل الحد من التدخلات غير القانونية أو من خلال الحلول العسكرية.
3. الطريق الوحيد لتحقيق التوافق يمر عبر الدستور نفسه.
ومن ناحيةٍ أخرى، تحدث الدكتور عمر النعاس عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور باستفاضة عن النموذجين التونسي والمصري واللذان نجحا من جوانب مختلفة في إرساء نواة للدعائم الديمقراطية والقضائية لجمهوريات ودول المستقبل. وقد أصر الدكتور عمر النعاس على أنه بدون التوافق في تونس، على سبيل المثال، لم يكن من الممكن عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والتي وفقاً للمعايير الدولية كانت شفافة ونزيهة وديمقراطية.
رؤوس أقلام:
– الوضع في ليبيا مختلف لكن كانت هناك جوانب في النموذجين التونسي والمصري أثبتت فعاليتها خلال عملية الصياغة.
– نعتقد أن عملية الاستفتاء هي أيضا إلزامية لضمان أكبر مشاركة من جانب المجتمع المدني ومختلف مناطق ليبيا.
– لقد أنشأنا لجاناً فرعية للتعامل مباشرة مع المجتمع المدني وكافة المناطق الليبية لتعكس المسودة النهائية احتياجات وتطلعات المواطنين في ليبيا.
ثلاث مراحل مختلفة مرت وستمر بها عملية الصياغة الدستورية:
– انتخاب الهيئة التأسيسية
– عملية صياغة طويلة
– الاستفتاء النهائي
“نحلم بدولة ديمقراطية قائمة على الانتقال السلمي للسلطة”.
وفيما يتعلق بمسألة أساسيات العملية الدستورية، اتفق المشاركون في أعمال الندوة الدكتورة نادية عمران والدكتور إبراهيم البابا والدكتور محمد التومي على الأطر الاقتصادية والسياسية والثقافية الرئيسية التي من خلالها يصبح التنوع ضرورة وليس نقمة.
وتحدثت الدكتورة نادية عمران عن المادة الأولى التي تنص على أن «ليبيا دولة حرة مستقلة لا تقبل التجزئة، ولايجوز التنازل عن سيادتها ولا عن أي جزء من إقليمها، تسمى الجمهورية الليبية». وتطرقت إلى مسألة الهوية وهي قضية رئيسية تتضمن جوانب مثل العروبة والتنوع الثقافي. وفيما يخص بنود مثل «العاصمة»، و«علم الدولة»، و«النشيد الوطني»، و«شعار الدولة» يبدو أن هناك إجماعا على الاحتفاظ بما هو موجود حاليا كرمز للاستمرارية، على الرغم من أن الرسالة الدستورية عليها طمأنة المواطنين بأنه لا رجوع إلى حِقَب التجاوزات التي ألقت بظلالها على البلاد على مدى العقود الماضية.
-“كأعضاء بلجنة صياغة مشروع الدستور، قمنا بإجراء عملية طويلة من النقاش والعمل المؤسسي على هذه الأسس وكانت القضية الأصعب هي مسألة العاصمة”.
-“في قضية التجنيس تطرقنا إلى مسائل حساسة تناولت ثمة تجاوزات ومظالم، وبالتالي كانت الأولوية لدينا تكمن قي صياغة نص يتيح لسلطات الدولة، بشقيها التشريعي والتنفيذي، سن التشريعات وإنفاذ القوانين”.
ومن ناحية أخرى، يرى الدكتور إبراهيم البابا في الندوة الفعالية الأولى التي تُفتَح لوسائل الإعلام؛ فيما يسود اعتقاد بأن هناك أرضية صلبة لإجراء استفتاء.
رؤوس أقلام:
1. البند الأول يُفَسَر على أن ليبيا ستبقى دائماً وأبداً موحدة وغير قابلة للتجزئة
2. فيما يخص الهوية، فإن ليبيا هي جزء من الوطن العربي والعالم الإسلامي مع الاحتفاظ بالخصوصية الليبية
3. ليس هناك خوف من التنوع، بل على العكس فهناك اعتقاد بأن التنوع هو الخيار الوحيد لتحقيق الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات في ليبيا
وتساءل الدكتور محمد التومي حول جدلية «هل نريد ليبيا حرة أم بلداً مستقلاً وموحداً؟ وللإجابة عن هذا السؤال فإننا نحتاج إلى مناقشة بند (العاصمة) حيث تسعى بعض الأطراف (سواء السياسية أو المدنية) إلى فرض ثلاث عواصم مختلفة في حين أننا نعتقد أن (العاصمة السياسية) يجب أن تكون البديل كما هو الحال في معظم البلدان المتقدمة في العالم”.
رؤوس أقلام:
1. العاصمة السياسية لا تعني بالضرورة أنها ينبغي أن تكون القوة المهيمنة. إنها أشبه بمركز الحكم، لا أكثر ولا أقل.
2. العواصم هي مثل المراكز الاستراتيجية والجغرافية التي تتواجد السلطة السياسية فيها.
3. لا يمكن أبدا اعتبار التهميش والإقليمية مبررات لاختيار عواصم متعددة؛ فالمواطنة وحدها يجب أن تكون المرجع الرئيسي وليس أي اعتبار آخر.
وحول «التدابير الانتقالية» أوضح الدكتور الهادي أبو حمرة أن هناك حاجة إلى التوصل إلى نصوص قضائية تضمن كرامة الإنسان ضد أي شكل من أشكال الاعتداء، وفي الوقت نفسه تضمّد جراح ضحايا الانتهاكات الماضية من خلال نظام العدالة وليس من خلال الانتقام وتصفية الحسابات خارج نطاق القانون. “يجب أن يكون الدستور الجديد الأساس الوحيد لتحقيق العدالة الشاملة”.
رؤوس أقلام:
1. الأولوية الأولى بالنسبة لنا في العدالة الانتقالية هي كشف الحقيقة وراء الأعمال الإجرامية.
2. من الأهمية بمكان السعي لتحقيق العدالة لضحايا الإنتهاكات الماضية.
3. يتعين إتمام الإجراءات القضائية وفقاً للقوانين الدولية، وفي إطار الشريعة الإسلامية.
4. يجب تأمين السلام والاستقرار الاجتماعي وتوسيع نطاقهما ليشمل كافة مناطق البلاد التي عانت من التهميش.
وأخيراً، وبعد عقود من الحكم الشمولي والظلم، فإن ليبيا الآن بصدد إقامة نظام جديد للحكم.
أدار الجلسة الأخيرة لهذا اليوم كل من الدكتور عمر النعاس، والدكتور محمد التومي والدكتور امراجع نوح، وتناولوا بالبحث مسألة تحقيق الاستقرار الشامل في ربوع الوطن، وأنه لا يمكن تحقيق الاستقرار المنشود إلا من خلال السلطات القضائية والتنفيذية والدستورية.
ورأى الدكتور عمر النعاس أن التوزيع العادل للسلطة يجب تفويضه إلى محورين أساسيين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وهذا هو السبيل الوحيد للحد من الانقسامات الاجتماعية، والتغلب على التمييز الإقليمي؛ فمن خلال تقسيم السلطة بين المركز والأطراف يمكن في نهاية المطاف تحقيق التوازن وتخفيف حدة التوتر.
اليوم الثاني شهد جلسة مفتوحة للجميع
وشهد اليوم الثاني للمؤتمر معالجة الخلافات بشأن أحدث مسودة للدستور الليبي؛ وتمحور النقاش حول بنود رئيسية عن «الحكم المحلي» و«والموارد الطبيعية » و «السلطة القضائية» و «الحقوق والحريات».
وفي الفصل الخاص بكلٍ من بنديّ «الحكم المحلي»، «الموارد الطبيعية»، كان هناك اتفاق عام بين جميع المشاركين تقريباً على أن نماذج رئيسية من اللامركزية، مثل تلك المعتمدة بالمملكة المغربية والجمهورية التونسية، قد تُشَكِّل دعامة أساسية للوحدة والاستقرار والديمقراطية في المستقبل؛ وذلك على الرغم من أن بعض الحاضرين عبّروا بصراحةٍ عن مخاوفهم من تقسيم الدولة وإساءة استخدام السلطة من السلطات المحلية، وقد توجهت الحجج الرئيسية باتجاه هذا النموذج باعتباره الشكل الوحيد للتنمية في المستقبل القريب. وقد أشارّ الدكتور إبراهيم البابا، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، إلى أهمية اللامركزية الفعّالة من حيث إنها تحافظ على وحدة البلاد، وديمومتها الجغرافية، واستقرار نسيجها الاجتماعي سواء على المدى القريب أو البعيد. ومن ناحيةٍ أخرى، فمن وجهة نظر الدكتور عمر النعاس أنه لا خوف من حدوث تجاوزات أو إساءة استخدام للسلطة من جانب إدارات الحكم المحلي طالما كان الهدف الأسمى للجميع هو بناء ليبيا المستقرة والموحدة التي يسودها حكم القانون حيث الكلمة العليا هي للعدالة.
وحول الحكم المحلي وتوزيع الموارد، يرى الدكتور إبراهيم البابا أن اللامركزية هي واحدة من الأولويات الرئيسية للمواطنين في مختلف مناطق ليبيا. وقال إن أعضاء الهيئة التأسيسية ناضلوا لإصدار نص يضمن التوزيع القانوني للموارد، ويعطي المواطنين الحق والأهلية القانونية ليصبحوا مساهمين في المناطق المحلية التي ينتمون إليها؛ والهدف هو تأمين لامركزية واسعة تحفظ وحدة ليبيا وتضمن لٌحمتها الوطنية وترابطها الاجتماعي والجغرافي.
من ناحية أخرى أعرب الدكتور أحمد المشاي عن معارضته لهذا النظام من الحكم المحلي على أساس أن ذلك قد يتحول إلى حكومات صغيرة متعددة. وهو يرى في اللامركزية وصفة للفوضى.
ومن ناحيةٍ أخرى، أوضح الدكتور عمر النعاس موقفه مستشهداً بمواد من الدستور (المواد 155، 158، 161، 164) ومذكراً المعترضين أن الفصل كله تدعمه النصوص التي يجب أن تصبح في نهاية المطاف قوانين للحكم؛ كما أن السلطة المحلية وقوتها هي العمود الفقري للدول التي تُحكَم بسيادة القانون ويسودها العدل والنظام، ومن المفارقات أن الحكم المحلي نفسه يخضع للقانون وينظم به.
هذا وقد دارت جلسة النقاش الأخيرة حول «السلطة القضائية» وشهدت الجلسة تسجيل بعض الاعتراضات، من قِبَل بعض المشاركين، بخصوص صياغة بعض النصوص في هذا الفصل. وتركزت المحاور الرئيسية للنقاش والنقد حول ما يلي:
1. القاعدة الدستورية أن لا يصدر أي قانون على خلاف أحكام الدستور.
2. سلب الحرية الاحتياطي أو الاحترازي ينبغي أن يحكمه نص دستوري لتجنب حدوث انتهاكات أو مظالم.
3. من المهم في الوقت الراهن القيام بتنظيم السلطة القضائية من خلال نصوص واضحة فيما يتعلق بالإدارة القانونية، والمناصب القيادية، والمحامين، وغير ذلك.
4. يجب أن يكون هناك اختصاص واضح للمحكمة العليا لتجميع الهيئات القضائية، والمشرعين المؤهلين، والمستقلين.
5. يجب إضافة مادة تتعلق بمجلس الدولة على أساس أن التخصص القضائي يمكن أن يشمل أيضا القضاة الإداريين في المستقبل.
6. ينبغي التأكيد على أهمية المحكمة الدستورية وإدارتها وعضويتها.