منذ افتتاحه في أواخر عام 2013م، ظل مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة يمارس أعماله بصورةٍ رئيسية من مقريّه الكائنين في بن عاشور وتاجوراء بالعاصمة الليبية طرابلس. غير أنه في ضوء الأعمال العدائية التي اندلعت في طرابلس في يوليو عام 2014م، تقرر توسيع قاعدة عمليات المَجْمَع، ومن ثم أنشئت مقرات تابعة له في مدينتيّ طبرق والبيضاء في شرق ليبيا.
تقع مدينة طبرق التي يبلغ عدد سكانها حوالي 120 ألف نسمة على ساحل البحر المتوسط شرقي ليبيا، بالقرب من الحدود مع مصر. ومنذ سبتمبر عام 2014م، بدأت الحكومة الليبية المُعْتَرَف بها دوليًا، ممثلة في مجلس النواب الليبي، في عقد جلساتها في مدينة طبرق.
وقد اجتذبت مدينة طبرق قديمًا اليونانيين والرومانيين الذين أقاموا فيها مستوطناتهم، علاوة على الأهمية الاستراتيجية التي اكتسبتها مدينة طبرق في العصر الحديث إبان الصراع على مناطق شمال أفريقيا بين قوات المحور والحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية؛ ومن أشهر تلك المعارك: الهجوم الكبير الذي شنه رومل وتصدت له الفرقة التاسعة الاسترالية (المعروفة باسم “فئران طبرق”) والتي هُزِمَت في نهاية المطاف على يد قوات المحور في يونيو عام 1942م.
وتشتمل مدينة طبرق الحديثة على ميناء مرسى الحريقة البحري النفطي الذي يربطه خط أنابيب لتصدير النفط المستخرج من حقل السرير جنوب طبرق.
أما البيضاء فهي مدينة تجارية وصناعية تقع في إقليم برقة بشرق ليبيا على سفوح الجبل الأخضر. وتعد البيضاء رابع أكبر المدن الليبية؛ إذ يقدر عدد سكانها بحوالي 250 ألف نسمة. ويقع بالقرب منها الموقع الأثري الرائع لمدينة “شحات” الغنية بالآثار التاريخية للمستعمرة اليونانية القديمة قورينا، والتي يبلغ عمرها ألفي عام.
وقد جاء قرار مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة بتأسيس مقرين إضافيين له في طبرق والبيضاء بدافع من حقيقة أن مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه قد اختارا هاتين المدينتين كمقرين مؤقتين لهما. ومنذ أكتوبر، صار للمَجْمَع مرافق في كلا الموقعين حيث استطاع من خلالهما تقديم الاستشارات، والدعم اللوجستي للحكومة الليبية. كما يدرس المَجْمَع إطلاق خدماته التدريبية من خلال هذين الموقعين، بالإضافة إلى إنشاء مكتبة مجتمعية.