دور التراث الثقافي في المصالحة الوطنية في ليبيا
إعداد: الدكتور أحمد عيسى فرج الحاسي
أستاذ مشارك في إدارة وحماية التراث الليبي
قسم الآثار \كلية الآداب \ جامعة عمر المختار
عضو اللجنة العلمية لاتحاد بلديات التراث العالمي الليبية الخمس
دور التراث الثقافي في المصالحة الوطنية
للتراث الثقافي قيم كثيرة لها تأثيرات كبيرة وغاية في الاهمية في المجتمعات الحديثة، وصارت كل الشعوب تسعى جاهده لضمان بقاء واستدامة تراثها، ويمثل التراث الثقافي أداة قوية للشعور بالهوية الوطنية والاندماج الاجتماعي، لأن أهمية النجاحات الحضارية والثقافية في الماضي قادرة على تعزيز الوعي بالانتماء إلى المجتمع في الوقت الحاضر.
إن ما مرت به ليبيا من أزمات معقدة (ثقافية، واجتماعية واقتصادية، وامنية، وسياسية) شكل ويشكل تحدي حقيقي وكبير في عمل مصالحة وطنية شاملة، ويخلق صعوبات مركبة في بناء هوية وطنية جامعة لكل الليبيين.
لا شك أن مواجهة هذه الازمات المركبة يتطلب مسارات متعددة، كل مسار يجب أن توضع خططه، وأدواته بشكل منسجم مع مشروع المصالحة الوطنية الشامل الذي يراعاه ويشرف عليه المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية.
ليبيا بلد التراث الثقافي المنوع:
ليبيا بلد التفافات المتنوعة الغنية، والتي تشكلت من مزيج الحضارات والثقافات المتعاصرة والمتعاقبة التي استوطنت على التراب الليبي. حيث لم ينقطع فيها الاستيطان البشرى منذُ عصور ما قبل التاريخ، وترعرعت فيها حضارات ليبية (في جرمة بالجنوب واسلنطة بالشرق) خير مثال عليها، كما واستقبلت أراضي ليبيا المستوطنين الفينيقيين القادمين من صور وصيدا (لبنان) وعاشوا الي جوار الليبيين مؤسسين مدن ومراكز حضارية ذاع صيتها في التاريخ (لعل أهمها: اويا ولبدة وصبراتة)، كما وجد الاغريق في ليبيا الملجأ لحل ازماتهم الاقتصادية، واستقبلهم الليبيون وتنوعت علاقتهم بهم بين الود والحرب، كما كان للرومان وحضارتهم دوراً مهماً في ليبيا.
هذا التراث الثقافي المنوع تمازج مع حضارة الإسلام، الذي جاءت لليبيا والمغرب العربي عموما في القرن السابع ميلادي.
التراث الثقافي المتنوع ودوره في تعزيز الوحدة الوطنية وبناء السلام:
إن التنوع الثقافي يكفل الاحترام والتكيف، والسعي لبلورة هوية ثقافية جامعة، فمصطلح ليبيا او الليبي هو مدلول جغرافي وثقافي وتاريخي وكان أيضا عقائدي (كما تشير الدراسات الاثرية والتاريخية).
فالمعني الجغرافي يشمل تنوع غير عادي (مناطق ساحلية ومناطق جبلية واخري صحراوية، وشبة صحراوية) هذه المناطق لكل منها مناخ مختلف وظروف الحياة بها مختلفة أيضا، وكذلك المعني التاريخي والمعنى الاثري.
كما يجسد التراث الثقافي احد ركائز الهوية/ والهُوية دائماً تُعرف بانها تجمع ثلاثة عناصر: العقيدة التي توفر رؤية للوجود، واللسان الذي يجري التعبير به، والتراث الثقافي الطويل المدى، كما تُعرف الهُوية الثقافية على أن وجودها سابق لوجود الفرد.
إن الهوية الليبية موجودة في التنوع الثقافي الذي حظيت به هذه الارض (ليبيا)، إن ليبيا التي تم ذٌكرها في المصادر القديمة ففي كتاب هيرودوتس الكتاب الرابع” القرن الخامس ق.م“ وأطلقها على كل المنطقة الواقعة إلى الغرب من نهر النيل وأحيانا أطلقت على القارة بأكملها.
أسس بناء مشروع وطني لدور التراث الثقافي في المصالحة الوطنية:
يمكن وضع عدة نقاط رئيسية لمشروع وطني حول دور التراث الثقافي في المصالحة الوطنية وهي:
- أزمة الهوية الثقافية في ليبيا.
- التنوع التفافي في ليبيا، عنصر قوة.
- البعد التاريخي لليبيا.
- قبول الاخر والتأثير فيه والتأثر به
- إبراز الدور الليبي في الحضارة الإنسانية.
- القواسم المشتركة.