تونس
الجمعة: الموافق 15 . 1 . 2016
تواصلت لليوم الثاني بالعاصمة التونسية أعمال مؤتمر المرأة الليبية للسلام تحت شعار «ليبيات بين التصور والواقع». وقد قام مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة بتنظيم هذا الحدث الرائد بالتعاون مع كل من جمعية « التواصل» و منظمة « صوت الحق للنساء الليبيات». وتشارك في فعاليات هذا المؤتمر أكثر من ثمانين شخصية مجتمعية حضرت من كافة ربوع ليبيا.
بدأت جلسات اليوم الثاني بحلقة عمل مكثفة وتفاعلية قادتها د. بهية بجار الخبيرة الدولية في مجال الاتصالات. وتهدف هذه الورشة التفاعلية إلى بناء العمل الجماعي بين الوفود المشاركة لإظهار قدرتهم على إيصال تطلعاتهم بوضوحٍ وتأثير.
وقد صرح السيد محمد احتيوش مدير مَجْمَع ليبيا للدراسات المتقدمة، الجهة المنظمة للمؤتمر، بأن «الهدف من هذا المؤتمر هو توحيد جهود النساء العاملات على مستوى القاعدة الشعبية في مختلف مناطق ليبيا». واستطرد قائلاً: «العديد من هؤلاء النساء يعملن بمعزل عن بعضهن، حيث تتواجد شريحة منهن في مناطق نائية ومتباعدة عن بعضها. لم يعتدن على الالتقاء معاً على هذا النحو. ونأمل أن تكون هذه الجهود بمثابة الخطوة الأولى نحو إقامة شبكات تعاونية لناشطات المجتمع المدني المتميزات».
وفي الجلسة الثانية وفي مداخلة للقاضي مروان الطشاني ممثل المنظمة الليبية للقضاة سلط السيد الطشاني الضوء على «السلطة القضائية والمعايير الدولية» حيث أوضح أهمية الدور المنوط بالمرأة الليبية في صياغة مستقبل بلادها. ثم تطرق إلى المفهوم التقليدي القائل بأن المؤسسات القضائية ليست جزءاً من المجتمع المدني ولا تقع عليها أية مسؤولية لتمثيل قضايا المرأة؛ ثم شرح التحديات المختلفة التي يواجهها الحقوقيون في ليبيا خلال هذه المرحلة الانتقالية؛ من العنف والتهديد بالاغتيال والترهيب؛ وغير ذلك من أشكال الإكراه. وشدد على أن هناك ثلاث أولويات في هذه المرحلة من التطور الدستوري: المعايير الدولية، والمصالحة الوطنية، وحقوق الإنسان. وذكر أن الأسس الدستورية الأساسية يجب أن تنبع من الاتفاقيات الدولية والأوروبية لمواجهة إقصاء المرأة من عمليات صنع القرار.
وأثار القاضي مروان الطشاني مسألة ما إذا كانت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ستنجح في إنجاز دستور ليبيا. ووفقاً للسيد الطشاني فإنه لا توجد وسيلة لمعرفة ذلك ما دامت الهيئة ترفض تسليم المسودة النهائية للاطلاع عليها؛ وتساءل عن الدوافع وراء هذا التأخير. كما أن هناك العديد من القضايا العالقة التي لم تحل بعد مثل عدم تمثيل أي امرأة في المحكمة العليا، وكذلك عدم الإعلان عن الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية في مسودات الدستور الحالية. وفي هذا الصدد أشار إلى أنه لم يتم انتخاب سوى امرأة واحدة فقط في تاريخ المجالس القضائية في ليبيا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضآلة الفرص المتاحة للمرأة الليبية لبلوغ الأدوار القيادية المؤثرة.
وأعقبت كلمة القاضي مروان الطشاني مداخلة من عضو لجنة صياغة الدستور منعم عبدربه تطرقت إلى التحديات القائمة التي تواجه تأسيس دولة تقوم على سيادة القانون والنظام، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية المتردية والصراعات السياسية في ليبيا. وأعطى صورة قاتمة للأوضاع الراهنة بالقول إن «للأسف ليبيا الآن تبدو أشبه بدولة فاشلة».
وتحدثت د. زينب الزايدي، وهي واحدة فقط من بين ست نساء من أصل ستين عضواً انتخبوا لعضوية الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، تحدثت بحماس عن أهمية دور المرأة في بناء الوطن للأجيال المقبلة، حتى على حساب حقوقها في الوقت الحاضر. وقالت الدكتورة زينب إن «نضالنا ضد التمييز هو عملية مستمرة من أجل الأجيال القادمة. ويتعين علينا بذل جهود مضاعفة لضمان أن يتم تنفيذ استراتيجية خاصة بالنساء لتأمين مستقبل ليبيا ومستقبلنا كمواطنات ليبيات». وتمثلت إحدى النقاط الرئيسية التي تطرقت لها في توضيح التمايز بين الشريعة والدستور، وتساءلت الدكتورة زينب: «”لماذا لا تطبق الشريعة إلا عندما يتعلق الأمر بمسألة حقوق المرأة؟ نحن نرفض التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو النوع أو الأصل. إنّ الضغوط المستمرة المبذولة من وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني هي السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع. قد نخسر كل شيء إذا لم نُسْمِع الناس أصواتنا ».