استهل مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة اليوم الثاني من أعمال المؤتمر بمناقشة أوجه التباين في أحدث مسودة للدستور الليبي؛ ولاشك أن هذا الحدث التاريخي يشكل علامة فارقة في تاريخ البلاد من حيث صياغته لحياة الأجيال الحالية والقادمة لعقودٍ من الزمان. وقد تطرقت محاور النقاش الرئيسي اليوم إلى تدارس بنود رئيسية عن «الحكم المحلي»، و«الموارد الطبيعية»، و«السلطة القضائية»، و«الحقوق والحريات».
وقد صرحَ السيد/علي حمودة في كلمتهِ المهمة التي افتتحَ بها جلسات اليوم التالي: «لقد كان مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، ولايزال، في موقع الريادة في احتضانهِ ورعايتهِ ودعمهِ لمختلف مراحل صياغة الدستور منذ الانطلاقة الأولى للهيئة التأسيسية وحتى هذه اللحظة». وفي الفصل الخاص بكلٍ من بنديّ «الحكم المحلي»، «الموارد الطبيعية»، كان هناك اتفاق عام بين جميع المشاركين تقريباً على أن نماذج رئيسية من اللامركزية، مثل تلك المعتمدة بالمملكة المغربية والجمهورية التونسية، قد تُشَكِّل دعامة أساسية للوحدة والاستقرار والديمقراطية في المستقبل؛ وذلك على الرغم من أن بعض الحاضرين عبّروا بصراحةٍ عن مخاوفهم من تقسيم الدولة وإساءة استخدام السلطة من السلطات المحلية، وقد توجهت الحجج الرئيسية باتجاه هذا النموذج باعتباره الشكل الوحيد للتنمية في المستقبل القريب. وقد أشارّ السيد/ إبراهيم البابا، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، إلى أهمية اللامركزية الفعّالة من حيث إنها تحافظ على وحدة البلاد، وديمومتها الجغرافية، واستقرار نسيجها الاجتماعي سواء على المدى القريب أو البعيد.
ومن ناحيةٍ أخرى، فمن وجهة نظر الدكتور عمر النعاس أنه لا خوف من حدوث تجاوزات أو إساءة استخدام للسلطة من جانب إدارات الحكم المحلي طالما كان الهدف الأسمى للجميع هو بناء ليبيا المستقرة والموحدة التي يسودها حكم القانون حيث الكلمة العليا هي للعدالة.
هذا وقد أدار جلسة النقاش حول «السلطة القضائية» كوكبة من صفوة القانونيين من الهيئة التأسيسية؛ الدكتور الهادي أبو حمرة، وسعادة السيد ضو المنصوري، والمستشار التواتي بوشاح، حيث ناقشوا، من زوايا مختلفة، أهمية التمييز بين ما هو دستوري وما هو قانوني، وتطرق النقاش إلى بند «الحقوق والحريات». ومثلما أوضح الدكتور الهادي أبو حمرة أن جميع المواد الواردة في هذا الفصل يجب أن تتبع المبادئ التوجيهية للاتفاقيات والأطر الدولية الصادرة بالخصوص، كما أن العدالة القانونية يتم تأمينها بما لا يدع مجالا للشك أو الريبة من ديباجة الدستور إلى كل الفصول والمواد ذات الصلة.
وقد طَالَبَ أحد الضيوف المشاركين في أعمال المؤتمر بصياغة مادة دستورية تضع مهلة زمنية محددة لمسألة التوقيف المؤقت للمتهم؛ كما قال إن أعضاء المحكمة العليا يجب أن يكونوا من الشخصيات القانونية المؤهلة، وليس فقط القضائية. وعلى صعيدٍ آخر، كان هناك نقاش مستفيض بخصوص المحكمة الدستورية وتكوينها، واستراتيجيات عملها ونطاق اختصاصها.